الأربعاء، 2 مارس 2011

الوضع المتأخر .. لم يعد يناسبني للأسف!!


جلست أمامه اتأمل هيئته ووجهه، كلماته المنمقة الرقيقة المنبعثة بخفة وبهدوء، وبصوت خافت يكاد يصل لأذناي. عيناه المضطربتان التي لا تلبث أن تلتقي عيناي فتركزان قليلاً ثم تذهب بعيدًا. حركة الكرسي المستمرة يمنة ويسارًا في زاوية مقدارها 70 درجة. توتره بالغ وبداخله الكثير.
أنا فقط أجلس متمركزة بلا حراك أنظر إليه وأستمع .. وأتمنى بداخلي ألا يرتكب حماقة ما.
يخبرني عنها وأنها ليست كما أراد .. أخبروه أن الحب سيأتي حتمًا بعد الزواج ولكنه لم يكن ليريد ذلك أبدًا. كان يريد أن يرتاح قليلًا من حب سابق. غلبني الصمت ونظرت ليدياي المعقودتان حول ركبتي اليمني. فأستطرد سريعًا أنه سمع يومًا للدكتور مصطفى محمود أن مواصفات الشخص الذي يجب أن ترتبط معه بشراكة أبدية كالزواج يجب أن تكون من نقاط أولها أن يشعر كلا الطرفين بأنه يحتاج الأخر بطريقة لا يمكن وصفها .. هو يحتاجها وهي تحتاجه. ثانيها أن يوجد التفاهم ومستوى الحوار المتبادل، فيجد كلا منهما أن بين عقليهما طريقًا ممهدًا لا تشوبه أتربة أو أحجار أو عقبات. ثالثها وجود الأخلاق والإحترام. ثم رابعها الحب. لا يتذكر البقية فهو توقف عند الحب وما قاله الدكتور مصطفى محمود. ليس الحب ضروريًا، فالحب من القلب والقلب أساسه متقلبًا. فأنت تحب لمرات عديدة ولكنك قد تتزوج شخصًا أخر. صمت قليلًا وبدا كمن فقد حماسه ثم أستدرك أنه أقنع نفسه بتلك الكلمات حقًا ليقدم على خطوة الإقتران بفتاة من عائلته وأقنع نفسه بالحب لاحقًا. لكنه مازال يراها كأخته. ولا يعرف كيف يطور من مشاعره تجاهها. نظر إليّ عميقًا وقال: "لربما كما تعلمين .. لا أستطيع تجاوز إحساسي السابق". ضغط كثيرًا على كلمة "تعلمين". عيناه تحملان الكثير لكن يعجز لسانه عن قول إلا القليل.
لم أستطع تقديم الكثير له في تلك المشكلة، حاولت مجاراته في أن يعطيها فرصة وألا يقدم على خطوة تمزيق تلك العلاقة الجديدة ويحاول أن يفكر كثيرًا قبل أي شيئًا. لربما تسرع في الإقتران بها ولكن يجب أن يفكر بجدية قبل أن يفعل شيئًا أحمقًا.

حتى الآن لا أعرف لم تحدث معي، لا أعرف لم أخبرني عن عذابات علاقاته الحالية بفتاة لا يحبها في حين لم يحظى بي كفتاة أرادها
لا أعرف كيف كنت سأضع حدًا لعذابه كما كان يضع في مخيلته، هل كان يتوقع مني أن أشعر بشيء ما من العاطفة نحوه لأنه فتح قلبه؟
لا أعرف .. لم أستطع تفسير ذلك وحتمًا لا أحبذ الوضع الذي يجعلني أشعر بانني يجب أن أفكر به لآنه يحبني ومناسب .. سأكون بذلك أحببته متأخرًا جدًا وليس بنفس الكيفية التي يشعر بها تجاهي.
لكنني فكرت قليلا في كلماته .. أنا لم أشعر بالذنب لرفض شخص لا أحبه ولا أراه مناسبًا لي
ولكني شعرت في اللحظة التي نظر فيها إلي بعمق وكأن عيناه ستدمع .. أن هناك شخصًا ما يحبني كثيرًا لا يستطيع إدراكي. ألمني ظلم تلك الحياة. كم يحبنا الكثير دون أن نلتفت لهم. وكم ننجذب للعديد الذين يدفعوننا بعيدًا.
هناك أشخاص تشعر بأنهم قريبون منك. تريدهم، تتمناهم، تعشق ما يفعلون، تتذكر كل تفاصيلهم، تتألم إن نظروا لغيرك .. ثم فجأة لا يدركون وجودك إلا متأخرًا .. متأخرًا جدًا! .. إن قررت إعطاءهم الفرصة ستجد أنك تحثهم على حبك ليس إلا. وعندما يحبوك ويريدوك ويعشقوك .. تجد أنك أصبت بالفتور. تتساءل بداخلك أين كنت حين أحببتك كل تلك الفترة. لماذا أدركتني متأخرًا؟ لماذا تركتني أفعل كل الخطوات الأولى .. لماذا مازالت تريدني أن أفعل كل الخطوات الأولى؟
لكن يومًا ما يأتي لترى بشكل واضح كالكريستال أنك لا تريده ولا تريد العشق الذي يمنحك إياه، لا تريد تلك التسويات ولا ترى أنك تستحق تلك الطريقة من الحب. لا تستحق أن يراك شخصًا ما متأخرًا أو يراك كوضع بديل أو يراك كحل أخير لتلك الحياة. أنت لا تستحق هذا بالتأكيد.

لن أستجدي حبًا ولن أجري وراء وهمًا سابقًا ولن أنتظر شخصًا جاءني يومًا متأخرًا.
مشاعري تغيرت وشخصيتي تغيرت وتفكيري تغير كثيرًا .. فلم يبقى قلبي كما هو متعلقًا بشخص دفعته دفعًا ليريدني لكنه لم يرد يومًا أن يقدم على شيء؟

ليست هناك تعليقات: