الاثنين، 15 ديسمبر 2008

ذكريات و برنسيسة


لقد عنت لي الكثير تلك السنوات التي قضيتها من عمري في تلك الكلية العجيبة التي لطالما أثارت حفيظة كل من يسمع أسمها "علوم" كأن بها فيروس و العياذ بالله و أننا طلبة موبؤون لا شفاء لنا من تلك الجرثومة اللعينة .. حتى نظرات الجميع لنا حينما تسلمنا نتائج التنسيق تنبأنا أننا على وشك خوض حرب طراودة و تجد أحد ما يدعو لك بالتوفيق و الصبر و طولة البال كأن تلك الحرب سوف تقتلك و تمتص كل قطرة من دماءك و أحدهم ينصحك بالتزود بالسيوف و الدروع و لا مانع من استخدام المجانيق فكل شئ مباح في الحرب .. أليس كذلك؟

كل ذلك لم يخفني و لم يخف أي منا و لو للحظة فطلبة و طالبات الثانوية العامة قد فعلوا المستحيل ليصلوا لمجموع يضعهم في مكانة تؤهلهم لكليات مثل طب و هندسة و حينما تأرجحت الكفة أنه لا مكان لنا على تلك الخريطة .. قرروا وضعنا في أقرب مصح عقلي و هو كلية "العلوم" و لكن ما أخافني حقاً و أخاف والدتي و أخاف أصدقائي الذين تعرفت عليهم لاحقاً هو تلك المدينة النائية التي يسكن بها مصحنا العقلي "حلوان" التي تحولت في قرار وزاري غريب لمحافظة و الحمد لله ، عدا بالطبع الشباب منا فهم أستمتعوا تمام الأستمتاع بوجودنا في منطقة نائية و بالتالي كان هذا هو خوفنا الأكبر ..تلك العزلة.

لن أتحدث عن أول يوم فهو محفوظ في ذاكرة كل واحد ممن أرتادوا الجامعات حيث تجولك كالسائح الذي تخطو قدماه أرض غريبة لأول مرة و النظر هنا و هناك و التعجب على حال الدنيا و إنتقاد التحرر ثم إنتقاد التشدد .. لحظات مميزة بحق مررنا بها جميعاً وصولاً للجدول الذي ينبأك أنك غداً أجازة و من أولها فراغ لتفاجأ اليوم الذي يليه أن الجدول تغير بقدرة قادر لتجد 4 محاضرات و للسخرية جميعهم ساروا على ما يرام و تم الخوض في المنهج بجدية و إنهاء أول شابتر و أنت كالمسكين وقتها كنت تنعم بالنوم العميق في بيتكم لا تدري شيئاً عن ذلك التغيير .. و لكن ما كان يذهلني أنه لطالما وجد طلبة لتحضر أمثال تلك المحاضرات المفاجئة .. هل نزولهم في يوم الأجازة للهو ليس أكثر يضعهم في مرتبة المتفوقين كونهم صادفوا محاضرات لتؤخذ؟؟ .. المهم أن حديثي هنا عن الأشخاص.

الأصدقاء الذين كانوا يوماً ما أشخاصاً لا تعرفهم تلتقيهم صدفة يجمعكم معمل أو محاضرة او سؤال عن الجدول أو السكشن ثم تفاجأ بعدها بثلاثة سنين أنهم من أقرب ما لديك في هذا العالم .. إذن هي البداية عن كل منهم

الأسبوع الثاني بالدراسة في الصف الأول بالكلية في مقر المعامل

معمل حرارة و خواص المادة الساعة 11 قبل الظهر

كالعادة و بالصدفة جلست بجانبها .. أعتقد انني لم أنو يوماً البدء بالتعارف على احد ما سواء أكانت فتاة أو شاب و لكني أخذت الخطوة للتعرف عليها بأي حال .. بالتأكيد لا أتذكر الحوار بالكامل و لكن كان يشوبه بعض التحفظ أو الابتسامات المتكلفة حينها فقط أدركت أنها من ذلك النوع .. احم اعتقد الجميع يعرف ذلك النوع الذي لا يصادقك بسهولة او لا يرتاح لفكرة شخص ما يقتحم خصوصيته و صمته و يبدأ بالحديث .. لم أكن ثرثارة لتلك الدرجة المزعجة و لكنها فقط لم تكن مرتاحة تمام الارتياح .. و لكن مع تبادل الاسماء و ما إلي ذلك و بدء المعمل و تلك الأحاديث حول كيفية شراء كتاب المعمل المقدس الذي لم يحالفني الحظ حتى الأن لفهم علاقته بمنهجنا المبجل سوى تدوين النتائج و الأهم من كل ذلك إمضاء المعيد أو المعيدة على الكتاب.

"انتم اخوات" لا أتذكر أيضاً من قالها و لكن شخص ما كان فطن بالدرجة الكافية ليخبرنا عن مدى تطابق ملامحنا .. بالطبع يلي تلك الجملة نظرة كل منا للأخرى بتعجب و بتفحص ثم هز الرأس المعتاد و الإجابة في نفس الوقت "يعني" .. الغريب أنه لم يسألنا "هل ترون الشبه بينكم؟؟" لنجيب نحن بكلمة "يعني" .. و لكنه أقتنع اننا أخوات لأن هذا كان سؤاله أصلاً.

لم نتبادل أرقام هواتفنا و لا أي شئ بل أنتهى لقائي بها فور خروجنا من المعمل ثم يليها بيومين نلوح لبعضنا من بعيد ثم لا أعرف لما توقفنا فجأة و مضى كل منا في حال سبيله. و أنا لم أفكر للحظة ماذا حدث لها أو لماذا لا نصلح لتكوين صداقة سوياً؟؟

أمازالتم تتساءلون من هي .. هي "أميرة عصمت" و هي بالفعل أميرة.

لم بدأت بها؟؟ ... ممم ببساطة لأنها أول من تعرفت عليها من أصدقائي الحاليين.

من الشخصية القادمة ؟؟ .... خلوها مفاجأة.

ليست هناك تعليقات: