السبت، 7 مايو 2016

لماذا نكره أجسادنا؟




إنه يحيط بنا حتمًا، إنه ذلك الكره والضيق والتأفف ونظرات عدم الرضا. لطالما كان يرهبني أن أستيقظ يومًا لأجد بثرة جديدة على وجهي تتحداني أن أطل بوجهي الكريم في أي مكان أو أن تفاجئني طفرة هرمونية أخرى وتنتشر حبوب على ظهري كما حدث أثناء فترة الحمل وبداية الزواج، وتارة أكسب وزنًا بسهولة كأنني كنت أكل أكواب من السكر طيلة اليوم وتارة أخرى يتقصف شعري أو يتساقط كأنني على مشارف صلع مبكر وتراودني تلك الهواجس أن أسلم حل جذري هو حلاقة رأسي بالكامل (زلبطة).
ثم أقضي وقتًا طويلا افكر كيف اتخلص من تلك الكيلوجرامات والبثرات والتقصفات، وأنفق من وقتي ومالي الكثير في حلول مفيدة تتناسب مع مسعاي. أنظر للمرآة مطولة واملأ رأسي بالأفكار السلبية "أنت لست جميلة" "كيف ستخرجين بهذا الشكل"، أعزف عن شراء ملابس جديدة حتى لا أصاب بخيبة أمل. تلك المرة اتجنب المرآة، لا أريد أن ارى انعكاسي ولا شخصي ولا وجهي ولا بطني ولا شعري. أمر على كل مرايا البيت مرور الكرام بلا أدنى نظرة.
أذهب لصالون التجميل وأظل مطرقة برأسي لفترة طويلة متجنبة النظر في متحف المرايا من حولي حتى تأتي الفتاة لتسألني عم أريد فعله اليوم وأجيبها باقتضاب. نتجمع كصديقات أو كأخوات ونهم بالتقاط صور فاحاول بشتى الطرق أن أكون أنا المصور، وإذا حدث وتصادف وجودي بالصور أشعر لدى رؤيتي بالسخف، وتنتابني ذات الأفكار السلبية " كم أنا سخيفة" "لماذا أبتسم بتلك الطريقة" "جميعهم يبدون أظرف مني"، امتلك مشكلة ما في وضع صورة لي في مواقع التواصل الاجتماعي، لا أحبذ رؤية وجهي طيلة الوقت أمامي يبتسم بحماقة.
اتذكر العديد من الصديقات اللواتي أتين لي كما أتين لغيري من صديقاتهن يستفسرن "هل تلك البثرة ملحوظة ام لأ" ، "هل تلك الحبوب تشوه وجهي"، "هل ترين أنني زدت في الوزن"، "هل شكلي جيد اليوم"؟.
لكنني اتذكر بقوة فتاة ما بمدرستي في مرحلة الثانوية العامة، كانت زميلة ولا اتذكر أسمها أيضًا، لكن موقفها منطبع بذهني إلي تلك اللحظة اصيبت تلك الفتاة بمرض نشر تقرحات غريبة على شفتاها، لا اعلم ماهية شكل تلك التقرحات، هي فقط ظهرت ذلك اليوم تغطي شفتيها بمنديل وتتحدث مع الجميع بشكل طبيعي، وعندما تفاقهمت الحالة وضعت ما يشبه الكمامة لفترة طويلة امتدت لشهر تقريبا او أكثر. لم تغب يومًا، لم تكشف لأحدًا عن مرضها ولا عن شكل تقرحات شفتيها، كانت تسير باعتداد رغم وجود تلك الكمامة، كان من الممكن أن تأخذ إجازة مرضية وتختبئ بالمنزل ترثي حالها ولكنها لم تفعل وحينما قاربت على الشفاء وتركت التقرحات علامات طفيفة نزعت الكمامة وسار كل شيء على ما يرام. أما عني فلقد حسدتها على قوتها.
اذكر أيضًا حوارًا تلفزيونيًا في برنامج "آوبرا وينفري" الشهير مع "مايكل جاكسون"، وفي خضم الحوار والذكريات عرضت له صورة وهو طفل يغني في فرقة "جاكسون فايف"، الغريب والمدهش أن "مايكل" اشاح بوجهه كأنه لا يريد رؤية وجهه القديم. إنه يكره وجهه لهذه الدرجة. كان يحاول جاهدًا تغييره بشتى الطرق حتى تحول لمسخ غريب حتى أنه بعد التغيير لا يحبذ رؤية وجهه وشكله السابق. هو كان مريضًا باضطراب تشوه الجسم، هو من اضطرابات القلق حيث تسبب للمريض النفسي نظرة مشوهة عن جسده وكيف يبدو ويقضي الكثير من الوقت في القلق بشان مظهره.
لا أعلم هل تخطيت الشعرة الفاصلة بين انعدام الثقة بالنفس واضطراب تشوه الجسم، لكنني لا أريد أن اتخطى هذا الحد الفاصل؟
لست هنا لأحل مشكلة ما أكثر من كوني أفرغ عن مكنون صدري.

ليست هناك تعليقات: