الأربعاء، 3 أكتوبر 2018

نحلة حزينة وحيدة غير واثقة من ألوانها


لم أكن تلك الفتاة الواثقة من حالها لدرجة أن تجذب إليها العديد من الأشخاص كنت كنحلة وحيدة غير واثقة من ألوانها. ولكنه حدث على أي حال.

كانت كلمات الطفولة السامة تعبث برأسي طوال الوقت وتجعلني غير قادرة على ردع الإساءات، بل اتقبلها وأخبر نفسي أنني أستحق ذلك. "نعم! فأنتى كما يسيئون إليكِ تمامًا". برغم تألمي وشعوري بالحزن البالغ إلا أنني لم أتخذ موقفًا لرد الإساءة أو الوقوف في محل الشخص الواثق من نفسه.

أتذكر جيدًا موقفًا بعينه. لا يمكن أن أنساه أبدًا. شخص لطالما أعجبت به وبشخصيته وأنا مراهقة صغيرة لا تعرف عن عالم الرجال شيئًا أو عالم العلاقات أيضًا.
كبرت خارج تلك المشاعر الصغيرة سريعًا برغم إحتفاظه أمامي بهالته المهيبة والرائعة. كنّا أصدقاء أو أصحاب - لا يهم التعبير - لكنه قرر يومًا أنني أصلح لألعب دورًا أخر وأنه يعرف بحقيقة مشاعري القديمة والتي لم أنكرها.
دعاني على فنجان من القهوة في مكان لطيف. ذهبت وأنا أقدم خطوة وأؤخر واحدة. تحدثنا كثيرًا وحدثني عن اهتماماته وحدثني عن حياته وحدثني عن كيف بدأ ينظر لي هكذا ويلمح أهتمامًا في شخصيتي. هو لم يكن يضع خطة للوقوع في حبي أو أن يعجب بي ولكنه كان يحُدث صديقة مشتركة بيننا وأخبرها عني فقالت له:" لم لا؟!" وأكملت تعدد مزاياي كما تراها هي. أما عنه قال لي: "نفرت من الفكرة في البداية".
هذا ألمني كثيرًا لم أكن أتخيل أنني شخص مجرد التفكير بالارتباط به مُنفر. هل كان صريحًا أكثر مما يجب؟ نعم! لكن شفع له عندي وقتها صورته المثالية التي رسمتها له وأنا صغيرة.
بعد إنتهاء القهوة تمشينا قليلًا ليخبرني أن:"المشي يناسبني كثيرًا كي أخسر بضعة من الكيلوجرامات".
هل تألمت؟ نعم للغاية لدرجة أنني لم أكن أتخيل أن يُقدم شخصًا على الإرتباط بي، ثم يخبرني عليكي أن تخسري الوزن كي تكوني لائقة.
هل نفر مني بسبب وزني؟ جائز. لماذا شعرت وقتها أنها مقابلة زواج صالونات ولكنها حدثت في مقهى لطيف.
(نعم أنتي مرشحة مثالية لكن ينقصك بعض الرتوش. لم أرتح لفكرة الارتباط بك من البداية لكن ها أنا ذا. لربما يمكنك خسارة بعض الوزن وسيكون هذا رائعًا). 
لولا مشاعري القديمة والعشرة وما كان بيننا من صداقة وعشم. لكنت رفضت هذا الأمر قولًا واحدًا.
لم أعد للمنزل كأي فتاة أخبرها حلم مراهقتها أنه يريدها. لم أكن سعيدة. ظللت أبكي أيامًا وأيامًا وأبكي لأختي وأحكي لخطيبها. هل هذا يليق؟ وهم يخبرونني أنه لا يليق.
لكنني كنت كالحمقاء خُدعت بمكالماته الهاتفية واعتبرت أنه مُهتم. ها هو حقيقة مهتم بي. ووافقت.
. عندما كتب لي مرة: "أحبك من قبل أن أعرف ذلك". لم أصدق وظل جرس كلمة "نفرت من الفكرة" يدق بقوة و بعنف في رأسي وقلبي. أنا لم أصدق للحظة حبه لي ولربما كان سهلًا علي إنهاء تلك العلاقة بسهولة. كان هذا مقدرًا. بداية كهذه لا تنتهي على خير. لربما كان قاسيًا داخلي لكنني محوت كل الذكريات الجميلة لا إردايًا ولا اتذكر شيئًا حقًا كي لا اتألم أكثر من ذلك. ولم أقبل بأن نكمل كأصدقاء. هذا لا يصلح. لربما دخل هو تلك العلاقة بمشاعر بسيطة تصلح أن تتحول لصداقة لكنني لا أستطيع أن أصف مشاعري بالبسيطة سهلة التحويل. لم أستطع


لطالما كنت أفكر وأقف دائمًا عند هذا المشهد.
لو كنت طفلة ربتها والدتها على أن جسدي هو شأني الخاص ولا يعني أي أحد أخر ما يراه. لكنت أخبرته وقتها أنني لا يهمني رأيه في وزني ولا أنني أحتاج للمشي كثيرًا. هذا جسدي وهكذا أحبه وإن لم يعجبه يمكنه أن يتراجع عن طلبه.
لكنني كنت مشبعة داخليًا بكلمات أمي عن حاجتي للتوقف عن الأكل - الذي لم أكن أكله أصلًا - ومحاولة انقاص الوزن ومحاولة تحسين جسدي بشكل مستمر. ووقتها كنت 62 كيلوجرامًا فقط. وأنظر لصوري وقتها وأقول ليتني أعود لهذا الجسد مرة أخرى. هذا الجسد الذي لم أقدره حق قدره لأن الأخرون ودوا لو أكن موديلًا في الخمسين والأربعين من الكيلوجرامات.
أُم أرادت طوال الوقت أن تثبت أنني صورة منسوخة منها. صورة من الجمال على الأرض. فتاة بيضاء بعيون ملونة ولكن ينقصني الجسد والشعر. فيجب العمل على تحسيني طول العمر. ولهذا يؤسفها ويؤلمها توقفي الآن. أنني توقفت عن عمليات التحسين.

هو الآن متزوج ويملك طفلة جميلة .. يالله كم من داخلي أتمنى ألا تعاني تلك الطفلة وأن تكون لها أُمًا رائعة مُحبة تعلمها الثقة بالنفس وأن جسدها لا يحدد هويتها وأتمنى ألا تقابل شابًا كأباها في شبابه. يشعرها أنه يوافق بها على مضض. أتمنى أن تجد من يحبها بصدق ويجد فيها كل ما يتمناه ويقبلها قبولًا حسنًا.
أما هي فعليها أن تقرر إذا كان لائقًا أم لا.