الخميس، 18 أغسطس 2011

لا أريد يومًا أخر هنا


تعبت كثيرًا حتى حصلت على ما أريد ..
الأجازة التي طالما عملت بكد وجهد حتى أصل إليها ولميعادها ..
ضغطت مجموع أجازاتي كله في شهر واحد لأكون هنا في السعودية مع أبي ..
شهر بعيدة عن مصر ..
بعيدة عن العمل ..
بعيدة عن الأصدقاء ..
بعيدة عن أشياءي وممتلكاتي وحاجياتي وقلبي الصغير المتشبث برجل كبير ..
الأيام الأولى كانت جنونية .. لا شيء ثابت ولا شيء يمكن التحكم به
اليوم مقلوب تمامًا .. نستيقظ ليلاً ونغط بالنوم نهارًا ..
الفوضى تعم الأرجاء وحقائب سفر مفتوحة ومتناثرة في كل الغرف ..
لا نريد فض الأشياء أو حزم الملابس ووضعها بالدولاب ..
كأنني لا أريد تصديق حقيقة أنني في بلد أخر ..
بعد مرور أسبوع .. بعد تأدية العمرة ورؤية الكعبة - التي بلا منازع أروع ما رأت عيني وخطفت قلبي وأشعر بأنها تحتضنني -
بات كل شيء بلا معنى ..
كل شيء انقلب ليكون العكس تمامًا .. كنت أقول أنها ستكون الأجازة الأفضل على الإطلاق .. سأرتاح من العمل ومن الزملاء .. تبًا الآن أفتقد كل شيء للأسف .. حتى أغبى الأشخاص فيهم .. حتى أحقرهم ... حتى أحلك لحظات العمل حينما لم أكن لأتحرك من الكرسي .. افتقدها!!
ثم أصدقائي الذين توقعت قربهم وحزنهم لفراقي ومكالمتي والمحاولة للإتصال بي ... لا شيء .. لا شيء على الإطلاق!! .. كأنني لم أكن!!
كأنهم أرداوا لي أن أترك البلد وأهج.
ومن أتصل بي أرادني أن احضر شيئًا من هناك... مصلحة من الأخر!! ثم توقفت المكالمات.
فرحتي وأنا أوقع على أوراق أجازتي لمدة 30 يوم "خارج القطر" بأبتسامة من الأذن للأذن ... ذهبت وضاعت وتحولت لإكتئاب.
ثم اتسمت الأمور بالنسبة لي على الأقل بالمزيد من السوداوية .. بعد سفر دينا وجنى لمصر ..
الكل ود لو كان على نفس الطائرة معهم ..
لا أعرف ماذا مشى في الطريق الخاطئ .. ماذا جعل الأجازة تبدو سخيفة بهذا الشكل؟
ماذا جعل الأمور تصل لمرحلة الإكتئاب؟
لماذا حينما أفتح عيناي وأدرك أنني بمواجهة يوم ممل جديد أخر .. أدعو الله بداخلي أن أعود للنوم مرة أخرى واستيقظ على ميعاد طائرتي لمصر؟
لماذا كل هذا الارهاق والتعب والهالات السوداء رغم أنها (أخيرًا أجازة) بعد 8 شهور من العمل المتواصل؟
لماذا تعويضات أبي المادية والهدايا .. لا تصلح لترميم نفسيتي المدمرة؟
لماذا إتصالات إبراهيم وصوته القلق دومًا من مصر لا يطمئني ... ولو لثانية حتى من الزمن؟
لماذا أشعر أن تلك الرحلة وتلك الأجازة لم تكن تستوجب تلك الفترة الطويلة من الزمن؟ ليس لشهر؟ أسبوعين كانوا ليقضوا الأمر وكفى.
هل ستنتهي الأيام قريبًا أو على الأقل بشكل لا يكلف أي خسائر؟
فقط اليوم تفاجئت أنني فتحت عيناي أيضًا على رؤية غرفتي في السعودية .. فتنهدت بغيظ قائلة : "Ughhhh .. kill me"